حقيقة القضية ليست الجنسية الأمريكية
” قضيتنا دائما هي الإصرار علي رؤية المشكلات من السطح دون التعمق في
الأسباب التي أدت إليها ؛ أو التفكير المتأني في عواقب إستمرار هذه الأسباب دون حل
جذري وممنهج ؛ نعم فمازال بعض من عقيدتنا الراسخة هو اللهث نحو إطفاء الحرائق دون
معالجة أسبابها لمنع تكرار إندلاعها ثانية ؛ كما أننا لا نريد الإقتناع بأن
المشكلة الصغيرة الناتجة عن خلل في الجوهر هي عنوان لكارثة مروعة في المستقبل.....‟
تتعالي الأصوات بضرورة إقالة السيد هاني
المسيري محافظ الأسكندرية كونه مزدوج الجنسية ؛ ويأتي علي الجانب الأخر من يفند أن
القانون المصري لا يمنع تولي مزدوجي الجنسية المناصب القيادية في أجهزة الدولة ؛
ثم يأتي من يقول أن مزدوجي الجنسية لا يحق لهم دخول المنشأت العسكرية أو الإطلاع
علي الخطط الأمنية إستنادا إلي قانون منع تجنيد مزدوجي الجنسية ؛ وتنزل القضية إلي
ساحات القضاء ؛ ليأتي الجانب الأخر ليقول القضية تعني من قام بتعييني .........
فوضي من الأفكار السطحية ؛ والصخب الإعلامي والهرولة لإطفاء الحرائق علي نغمة إلحق
يا جدع دون تحاور جاد وهادئ وموضوعي .
نحن لدينا عدة مشكلات في أمر إزدواجية
الجنسية ومحافظ الأسكندرية ليس لشخصه ولكن كون تعيينه محافظا حالة تجتمع فيها كل
هذه المشكلات ؛ ويجب أن نتناولها بحيادية لأننا نؤسس دولة قانون ؛ دولة ناهضة
واعدة تستحق منا إنكار الذات والتفاني في خدمتها والموضوعية ... الموضوعية ....
الموضوعية.
أولا تعيين السيد هاني المسيري محافظا
للأسكندرية أتخيل أنه جاء من خلال إجراءات دقيقة من تحديد إحتياجات المحافظة والأهداف
المرجو تحقيقها ؛ وتحديد للمهارات الفنية والشخصية التي تتوافق ما سبق ثم بحث للسيرالذاتية
للمرشحين ؛ وتعضيد ذلك طبعا بتقارير امنية عن كل مرشح ؛ ثم عرض علي المستشارين
القانونيين لتجنب أي عوار قانوني ثم تأهيل المرشح الذي وقع عليه الأختيار .... هذا
في رأيي المتواضع خطوات تعيين أي مسئول قيادي في الدولة ؛ المسئول الحقيقي عن أن
هذه الإجراءات قد أستوفت هو كل من وزير التنمية المحلية والسيد رئيس مجلس الوزراء.
وهنا يأتي السؤال هل تم ذلك ؟ لا أعتقد ؛
هناك خلل في المنظومة ؛ أحد ما لم يؤد دوره ؛ أو أن أحدا تجاوز غير مكترث بأداور
الأخرين فحدث هذا الهرج والصخب ؛ ورغم أن الموضوع الأن رهن القضاء ولكن كان من
الأفضل أن نتجنب مثل السقطات الإدارية.
ثانيا إذا لم يكن لدينا ما يمنع مزدوجي
الجنسية من تولي منصبا قياديا في الجهاز الإداري للدولة ؛ وفي المقابل لدينا
مايمنع مزدوجي الجنسية من تأدية الخدمة العسكرية ؛ فهذا تعارضا في القانون يصبح
معه قانونا غير منصف من جهة ؛ ومن جهة أخري يصبح محل تشكيك وجدل وتداول لعشرات
القضايا بالمحاكم وما أغنانا عن هذا ؛ ولذا يجب من الآن مراجعة قوانين الدولة
جميعها من خلال نخبة من قضاة مصر الشرفاء لمعالجة أي عوار قانوني ؛ وأذكر هنا أن السيد
المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة في أحد حواراته اللإعلامية أكد أن القاضي
علي منصة القضاء ملتزم أن يحكم بقوانين لم يشارك في وضعها أو مراجعتها ؛ واعتقد
أنه جاء الوقت الذي يجب أن يضطلع فيه أصحاب القامات الرفيعة من قضاة مصر بدورهم من أجل قوانين يصعب معها الإلتفاف عليها
أو إستغلال ثغراتها.
ثالثا هل لدينا نحن الدولة المصرية معايير
إختيار للمحافظين ؟ وهل لدينا قواعد للتواصل المهني إحترافيا ؟ لا أعتقد وإن وجدت
فالمسئولون لا يعملون بها ؛ ذلك فمن خلال متابعتي للحوار التليفزيوني للسيد محافظ
الأسكندرية مع الإعلامية مني الشاذلي في الثاني عشر من مارس ؛ حدث لي ما يشبه
بالصدمة ؛ فقول المحافظ نصا في الدقيقة 97 من زمن البرنامج (أنا لم أكن أخطط أن
أكون محافظا ؛ كل الحكاية أن اللواء عادل لبيب قال لي تحب تبقي محافظ) ؛ (فجاء
الرد من المحافظ أنا بالكثير أنفع رئيس حي) ؛ و عبارة أخري قالها المحافظ صادمة أستوقفتني كثيرا عندما سألته الإعلامية عن
حضور زوجته إلي إجتماع المحافظة (إحنا شخصيات عامة وزوجتي حضرت إلي الإجتماع
بناءا عن دعوة من الوزيرة ليلي أسكندر أصلها معرفة قديمة) وإن كان هذا من خلال
عمل تطوعي فاللفظ (معرفة قديمة) غير مقبول ومستفز خاصة وأن المحافظ أعاد تكراره
مرة ثانية عندما سئل عن قيام زوجته
بمعاينة إحدي قصور الثقافة في الدقيقة 56 من زمن
البرنامج (هي ذهبت بتكليف من وزير الثقافة جابر عصفورآنذاك وهو معرفة
قديمة لمعاينة حالة القصر لدعوة الفرق العالمية أصل أنا معنديش وقت) ؛ أنا
أترك التعليق للسيد وزير التنمية المحلية والسيد رئيس مجلس الوزراء هل هذا هو
التواصل المهني والإحترافي بين وزراء ومحافظ ؟ وهل من الجيد أن يسمع الشعب عبر
وسائل الإعلام هذا الأداء المهني المتردي لمسئولين بالدولة ؟
رابعا يمين الولاء كبري المعضلات في حالة
مزدوجي الجنسية ؛ علي عهدة موقع مصراوي أن
السيد محافظ الأسكندرية في مؤتمر صحفي قال (أنه لم يخدم بالجيش الأمريكي حتي
تصير جنسيته مشكلة ؛ فالجنسية لا تعدو سوي جواز سفر) ؛ القضية هنا كيف يتعامل
مزدوجي الجنسية مع يمين الولاء ؟ هل ينظرون له علي أنه مجرد إجراء روتيني شكلي
إعلامي إعلاني ؟ إن هذا الأمر جد خطير فالمسئولون مزدوجي الجنسية يقسمون يميني
ولاء احدهما للدولة مانحة الجنسية ؛ والأخر للدولة التي يشغلون بها مناصبا قيادية
؛ فكيف نثق بقيادات في مناصب حساسة لا تعتد بيمين الولاء وإن حنث بيمين ولائه
للدولة المانحة فما الضامن أن لا يحنث بيمين ولائه للدولة التي هو مسئول بها ؟
القضية لا تتجزأ .
السيد رئيس مجلس الوزراء نحن لدينا رجل أعمال
مزدوج الجنسية أستغل جنسيته الأمريكية في مقاضاة الدولة المصرية أمام المحاكم الأمريكية
للتهرب من سداد ديونه للبنوك المصرية ؛ ما الضامن ألا يتكرر هذا مع مسئولين
قياديين أيضا ؛ ونحن نتحدث هنا عن المطلق وليس لحالة بعينها ؛ يجب أن نضع قواعد
راسخة لأجيال تتضمن كافة الحالات المحتمل وقوعها ؛ نحن نؤسس دولة قانون و دولة
مؤسسات.
إن إقالة المحافظ ليست هي وحدها الحل ؛ ولكن
ضبط منظومة الأداء الإداري للدولة ؛ والتعامل بإحترافية ومن خلال قواعد ونظم
مدروسة جيدا بين إدارات الدولة سيمنع تكرار مثل هذا الصخب الذي قد يعرقل مسيرة
الدولة المصرية الناهضة بعد ثورة30 يونيو ؛ ويشغلنا عن مهام جسام وأمنيات شعب وجد
في رئيسه البطل ما كان يحلم به من عزة وكرامة وحنو أيضا ؛ وينشد معه أفاق المستقبل
الواعد والعودة إلي المكانة المرموقة التي يستحقها ؛ فلا يجب أن نشوه ذلك المشهد
الرائع بأداء إداري غير متوافق في بعض النواحي مع الأداء العملي المتميز علي الأرض
؛ ويجب ألا نترك للفوضويين مساحة من صنع أيدينا يجدون فيها مرتعا للعويل وبث
كراهيتهم وحقدهم ومبررا لسفه فعلهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق