الأربعاء، 13 يناير 2016

لنكن دولة إختلاف لا دولة خلاف

لنكن دولة إختلاف لا دولة خلاف


               "صراع أحمق يفتعله إعلاميو الفتنة وممن أمتهنوها ممن لا مهنة لهم ؛ وجميعا وجدوا في الإعلام الخاص والفضائي متنفسا لأحقادهم وأمراضهم النفسية وإدعاءاتهم الباطلة ؛ فعندما تكتمل أركان الدولة المصرية وتنهض مؤسساتها الوطنية يفتعلون صراعات تفتت في عضد الدولة ؛ فيصنعون صراعا طائفيا أوسياسيا أو إجتماعيا بغية عودة الدولة إلي الفترة الزمنية ما بين الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو حيث لا دولة . لا قانون . لا وحدة بين فصائل الشعب فيظل هذا الإعلام المضلل متصدرا مشهد الفوضي يجمع المال ويتاجر بآلام البسطاء ؛ وكوارث الضعفاء ؛ ويدعي أنه مع النظام لأنه يبرز السلبيات فيسهل مجابهتها وهو مخلب الفوضي والخراب ؛ ويدعي أنه ليس من هواة التطبيل وهو المنبطح للمال والراقص علي جثث الضحايا ومعاناة الفقراء ؛ فليحذر الشعب المصري وليكن علي قلب رجل واحد ؛ ولنكن دولة إختلاف لا دولة خلاف .....".


ما إن بدأ البرلمان المصري أولي جلساته وهي جلسة إجرائية إلا وإنبري إعلام الفتنة يبث سمومه مرتكزا علي سلوك النواب وتصرفاتهم وردود أفعالهم ؛ متصيدا الأخطاء ومعلنا أنه برلمانا لا يحقق أمال الشعب وطموحاته ؛ وموحيا أن القيادة السياسية هي من تريد هذه النوعية من النواب الذين هم إختيار الشعب في إنتخابات حرة نزيهة ؛ وهذا في حد ذاته غير مقلق فالجلسة الإجرائية ليست معيار للحكم علي كفاءة البرلمان من عدمه ؛ ولكن المعيارالحقيقي سيكون بعد إختيار الرئيس والوكيلين وتشكيل اللجان النوعية وبدء الإلتحام مع أهداف المجلس وأدائه لواجباته و ممارسة دوره الرقابي والتشريعي ؛ ولكن إعلام الفتنة لا يريد عمدا أن يكون موضوعيا وأمينا في العرض فهو يصدر لنا ما يؤكد سوء توجهه وخبث مقصده ودناءة اهدافه ؛ فعلينا أن نحتاط ونعي ونكون علي ثقة في قدراتنا ومؤسساتنا وقياداتنا السياسية ؛ فمصر تعود أقوي مما كانت عليه ؛ وشعبها أكثر نضجا ووعيا وهذا يزعج الكثيرين.


طفح الكيل من هذا العبث وبات مؤلما وخاصة عندما يحاول إعلاميو الفوضي وأثرياؤها تمزيق وحدة الشعب المصري وتحويلهم إلي فصائل متناحرة وهم في هذا ينتهجون نهج دعاة الفوضي وخفافيش الظلام ؛ فقبل أيام من حلول ذكري الخامس والعشرين من يناير يسعي هذا الإعلام المضلل إلي إحداث وقيعة بين جماهير الشعب عندما يروج لفتنة أن البرلمان المصري المنتخب يضم قطاعا عريضا من النواب المعارضين لأحداث الخامس والعشرين من يناير ؛ ويتعمد إجراء المواجهات الكلامية بين مؤيد ومعارض لإفتعال أزمة وإستنفار الفصائل للنزول للشارع وإثارة الفوضي وإسالة الدماء وتقويض مؤسسات الدولة بل وإسقاطها.


علينا جميعا كشعب نعيش علي أرض هذا الوطن أن ندرك بأن الإختلاف أمر مشروع ؛ وما يؤمن به شخص قد لا يؤمن به أخر ؛ وإنه يجب علينا البحث دائما علي نقاط الإتفاق والوفاق ؛ وعدم تعميق هوة الإختلاف ليصبح خلافا بالمواجهات الكلامية والمشادات اللفظية التي لا طائل من ورائها فالوطن يسعنا جميعا ؛ وأن عبقرية هذا الشعب في إختلافه ما لم يقودنا هذا الإختلاف إلي الهدم وإستباحة الدم ؛ فالإختلاف يجب أن يكون في إطار من الموضوعية والقيم الأخلاقية ويعلي من مصلحة الوطن بل ويقدمها علي أي نزعات شخصية فالأوطان أغلي ما تملك الشعوب ؛ وهي غير قابلة لمغامرات المراهقين أو مقايضات الإنتهازيين والوصوليين ؛ لأنه في اللحظة التي نوأد هذه القواعد السلوكية فإننا نزج بالوطن إلي غياهب من بحور الدم والإقتتال والجميع سيكون خاسرا لا محالة.


هذا المنطق يجب أن يضعه مؤيدي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو نصب أعينهم ؛ وأن يكون هذا هو منهج عملهم فتقييم الأحداث لا يتفق عليه أحد فهو ليس بالكتب السماوية ؛ ولكن لكل مميزاته وعيوبه وما أراه أنا إيجابيا وارد أن تراه أنت سلبيا والعكس صحيح ؛ ولنلتق دائما في منطقة النور وهي إعلاء قيمة الوطن ؛ وهذا الحديث لكل الشعب المصري وهذه هي الرسالة التي يجب أن يتبناها الإعلام متي كان وطنيا طاهرا مبرءا من كل عيب .


أيضا إعلام الفتنة يطرح علينا في هذه الأيام كل ما يشق الصف الوطني دون مراعاة للمعطيات الإقليمية والدولية ؛ ودون الإكتراث بالتحديات المصيرية ؛ ودون وازع قيمي واخلاقي يفرض عليه دعم الدولة المصرية وسط هذا الكم من المؤامرات ؛ فمثلا قضية العفو عن ما أسماه شباب الخامس والعشرين من يناير طرحت لتكون مثار خلاف ومدعاة لإستنفار قطاع من الشعب (ولو قليل العدد) ضد الدولة المصرية ؛ وهنا علينا أن نتفق ان الرئيس قام بالعفو عن كثيرين في مناسبات قومية ودينية ؛ وأن هذا بابا ليس موصدا ؛ ولكن هذا الشباب صادر في حقه أحكاما من القضاء المصري وهو نفس القضاء الذي أدان مبارك ونجليه ورموزا من النظام السابق ؛ فالعفو لا يأتي مع مدانين مازالوا يصرون علي إنتهاج العنف وممارسة البلطجة والحرق ويصرون علي تقويض وهدم الأجهزة الأمنية ؛ والعفو لايأتي  من الإستقواء بالخارج أو إستجابة لضغوط أجنبية ؛ والعفو لا يأتي لمن يضعون أيديهم في يد جماعة إرهابية إستباحت الدماء وتأمرت علي الوطن وتخابرت ضده ؛ و العفو لا يأتي مع من تلقوا تدريبا خارجيا وتم تمويلهم كحلقة في سلسلة مؤامرات سواء عن جهل منهم أو قصد لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد ؛ فالعفو يأتي عندما تكون قادرا علي الإندماج في المجتمع كعضو فاعل بناء تقبل الإختلاف ولا تدفعك أهواؤك وطموحاتك الشخصية إلي المقايضة علي الوطن ؛ فالأوطان أغلي ما تملك الشعوب وهي ليست رهنا لعبث المراهقين أو مراهنة المقامرين ؛ فهذه مقدرات ومصائر شعوب ؛ وهذا ما يجب أن يدركه الشعب وهذه هي الرسالة التي يجب أن يجاهد الإعلام من أجل ترسيخها متي كان وطنيا وأمينا. 


من اجل هذا الوطن علينا القبول بالإختلاف ؛ ونطرح الخلاف جانبا ؛ وكلنا مسئولون عن مجابهة هذا الإعلام الفاسد وإسقاطه حماية لهذا الوطن ؛ والعنصر الفاعل هو الجماهير فالمقاطعة لمثل هذه البرامج سيكون سببا مباشرا في إنهيارها ؛ فهو إعلام المال الذي يفعل من أجل أن يربح مالك القناة (المستثمر) ؛ والإعلامي الذي لاهم له يوميا سوي تتبع نسب المشاهدة ومعرفة حصيلة الإعلانات ليعرف كم سيزداد رصيده البنكي وإن كان الثمن سقوط الوطن وإنهيار الدولة ؛ وإزدياد معاناة الشعب وآلامه وإراقة الدماء وسقوط ضحايا أبرياء ؛ مع ملاحظة أن التاريخ المهني لهؤلاء الإعلاميين المهني لم يتغير عبر أربع من رؤوساء الدولة المصرية ولن يتغير لأنه ميراث غيرأخلاقي وغير مهني وغير وطني.

أيضا الشركات الراعية لمثل هذه البرامج عليها أن تنتصر للدولة المصرية ؛ وأن تنحاز لعميلها وهو جموع الشعب ؛ وتتوقف عن رعاية هذا الإعلام الفاسد الذي يهدف لزعزعة إستقرار الدولة وتقويض جهود التنمية وإشعال الفتن والصراعات ؛ وهذا سيؤثر سلبا علي إسثتماراتها وربما تواجه كسادا كالذي شهدته هذه الشركات في أحداث الخامس والعشرين من يناير ؛ وأناشدهم أن يحتكموا لضميرهم الوطني وألا يساهموا في إنتاج منتج فاسد به سم قاتل حتي لا يكونوا في مرمي النيران من الشعب أو الفوضي التي يسعي إليها هؤلاء الإعلاميون.



والحقيقة أنه من المؤلم أن تجد علماء الدين من مؤسسة الأزهر الشريف والكنيسة المصرية ضيوفا علي مثل هذه البرامج ؛ وأن يتم إستخدامهم في جدال غير موضوعي من أجل إحداث صراع إسلامي إسلامي وصراع مسيحي مسيحي ؛ وفي هذا شق للصف وإثراء للفرقة وتشكيك في مرجعيتنا الدينية ؛ فما اجمل أن نختلف داخل جدران الأزهر وبين جنبات الكاتدرائية لنخرج علي الشعب ولدينا خطابا موحدا يقوض دعاوي العلمانية ويفوت علي إعلام الفتنة أن ينال مأربه  ؛ وأيضا يحفظ هيبة علماء الدين وكرامتهم ؛ ولا تنسوا أن بعض هذا الإعلام الفاسد تجاهل إحتفالات الأزهر بالمولد النبوي ؛ وإحتفالات الكنيسة بعيد الميلاد المجيد تجاهلا للدولة في شخص الرئيس وإستعاض عن ذلك ببث أحاديث ونقاشات تهدف إلي إسقاط الدولة والفت في عضدها ؛ والسعي للتحزب وتوسيع هوة الخلاف.

القيادة السياسية أيضا عليها دور في أن نكون دولة الإختلاف لا دولة الخلاف ؛ خاصة وقد أصبح لدينا برلمانا منتخبا ؛ ويكفي أن نقول أنه لا حرية لإعلام ينشر الكراهية ويعمق الخلاف ويستهين بالدم المصري ؛ ولا حصانة لإعلام يجمع كل قوته لمجابهة الدولة المصرية ويكافح لكسرإرادة شعبها ببث عوامل الفرقة والشتات ؛ والتشكيك في قياداتها وتجاهل إنجازاتها ؛ ويحاول إستعادة ذاكرة الفوضي ويعمل علي إنهيارمؤسساتها ؛ وعلي الدولة أن تضطلع بمسئولياتها ولا خيار إلا أن نكون دولة إختلاف لا دولة خلاف .


#حافظوا_علي_مصر